الأربعاء، 23 ديسمبر 2009

وقالت العرافة ـ نص

وقالت العرافة


إلى آمنة عارف حجاج ..
الفلسطينية المقيـمة خلف النـهر الذي لم يمنحها بطاقة عبور ..
فظـلَّ الوطن يُفجِّرُ في داخلهـا نبعـاً للعــودة لا ينضب ..
و " آلت ألا تبيعه " .



1
كان يقفز كل صباح من رئتيه
ويرسم للريح شكلاً جديداً
يُعيد البلاد إلى ما اشتهت
نازفاً مثل حقول الكلام
يركض نحو هواء خلَّف النار على وجنتيه
يمد يديه إلى غيمة
تُوحِّده زفرةُ الريحِ /
حنينُ الكلامِ
شرودُ الغزالات نحو أول النهر
يشرب حين يعود انفجاراً /
ممرّ لغات
لا يحفل الماء بالرمل
ولا تستوي بين الهضاب بحيرة الملح
جراحاً تفيء اتساعاً
ولا موجة تمرّ على كسرة خبزٍ / حياة
وجوه أضاعتها الشوارع
لم يحرق الماء نار المشاعر
عند اتقاد الجنون / الهواجس
كم ينبغي من الوقت أن يمرّ
كم ينبغي للريح أن تسوق السحاب
كي يفيء " الخراج "
ويقرأ في حضرة الأرض نشيد المطر ؟
2
كان يشرب قهوته الباردة
يمرّ إلى بلاد لا تعترف بغربة الفرح
ينظر في شقوق فنجانه
حيث غزالات المراعي تتقافز
" تتعربش " على خيوط الشمس
ينظر إليها من بعيد
يدرك كم هي المسافات شاسعة
ويدركُ حين يمرُّ بلا وردة
أنه يتراكض فارغ اليدين
يتوه في زحمة المدن والشوارع التي بلا شجر
هي الطقوس التي فُجّرت عند أول زاوية ترتفع
توقظُ الوطنَ من غفوة نعاس طويل في حضرة الصوتِ
يكسرُ لغة مجففة سرَّبـها الآخر في ضفة النهر
يفيض ثـمراً يانعاً
أنفاس بساتين
أمواه بحيرات لا تعرف الملح
شمساً تكـنز بقاياه
لا تعرف طقوساً باردة في ذاكرة النفي
ولا اسوداداً في طريق الوصول
تحفلُ بما تبقى من أناشيد
خلَّفها في غرفة الصف بين التلاميذ
تواجه الحرب التي أغرقته
ذات حزيران تبلل بالنار
تكتب الشعر بملح البكاء
لكي لا تسرقه الحرب من بهجة الغناء
كزمان مثقل بعباءات تُسقط مطراً قاتماً لاحتفاء النواح
هو النور ذاكراً توهّجه في العيون
طالعاً منذ أوْلَموا حتى انكسار التراجع
ناشراً فضة روحه على فضاء الحقول
كي تحسن الفراشة ارتشاف الرحيق
وتولم في احمرار الوجنتين نشيد الشقائق
يرتّبُ فيها حنين السنين التي شرَّدته
ترانيم جديدة لا تعرف الانحناء
هـمّاً كبيراً بحجم البلاد التي أرضعته
يُعيد الملامح للذاكرة
هنا لَعِب
هنا توقَّفَ مندهشاً
هنا تفيـّـأَ ظلال الشجر البريّ
وهناك
حيث يُقيم الآخرون احتفالاً
قَتَلَتْه ذكريات منسية
لطفولة تئنُّ في ممرات الدم
غير أن القطار الذي لم يتوقف
لم يتوقف
وسامر الشيب اسوداد الشعر
رغم الأحلام التي لا تتوقف
كالقطار الذي لم يتوقف
تنهض قمراً ونجوم سماء
ينظر فيها
يحلمُ
يتوجعُ
ينـزفُ
يستيقظُ
يصرخ
ـ يا عنب الزمان الذي يتدلى من كرمة الوقتِ ،
أَعِدْنا قليلاً لأجسادنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق