الأربعاء، 23 ديسمبر 2009

فراشة الزهر البري ـ نص


فراشة الزهر البري



السبت
استيقظتُ صباحاً كعادة الناس .. أيقظتُ ذاكرتي من بقاياي .. تنفَّسْتُ .. كتبتُ على الباب الصغير المقفل :
ـ أحبكِ يا صغيرتي .. متى يُفتح بابك لأراك ؟ أولسنا على موعد ؟؟


الأحد

استيقظتُ صباحاً كعادة الناس .. تذكَّرتُ أن أتنفس .. تنفستُ .. نسيتُ الذاكرة حين تذكَّرْت .. تراجعَتْ جيوش الفرح عن مواسمها .. دُهشتُ .. لملمتُ بقاياي .. وسرتُ إلى سفح الجبل .. حيث يعيشُ الراهب في داخلي .


الاثنين
استيقظتُ صباحاً كعادة الناس .. نسيتُ أن أتنفس .. نسيتُ أن أتذكّر .. كتبتُ قصيدة حبٍّ مؤجّل .. صرختُ في الجدران أن تفتح النافذة .. قبَّلت هباءات الغبار المنتشر في شعاع الشمس .. نمتُ لأحلم .


الثلاثاء
استيقظتُ صباحاً كعادة الناس .. تنفستُ قليلاً فقاطعتني ذاكرتي .. تذكرتُ .. غرستُ بذرة في الليلة الماضية حملتُها من ثلاثين عاماً .. طالما زرعتها وألغيتُ مواسم الحصاد .. لأن التربة المالحة .. أجَّلتْني لكي أصير أباً للبنت الصغيرة النائمة التي لم تفتح الباب بعد .


الأربعاء
استيقظتُ صباحاً كعادة الناس .. تنفستُ ذاكرتي .. حملتُ الفأس لأجعل العشب أجمل .. ولأعطي الفراش رحيقه البري .. غير أن الصوت تحشرج .. حين داهمني طوفان الفرح الذي لم أعتد .. رنَّ جرس الهاتف .. ممكن أكلم الأستاذ ؟ لا .. إلا إذا كنت أنتِ .. قالت .. أنا أنا .. وفَتَحَتْ البنت الصغيرة النائمة بابها على الشمس .

الخميس
استيقظنا صباحاً كعادة الناس .. تنفَّسنا .. تذكّرنا .. ركضنا طويلاً بعيداً في الساحات الملونة .. جمعنا الزهر البري .. وأسقينا العصافير ماءنا الملون .. وكتبنا على الجدران .. أغنية المواسم المقبلة .


الجمعة
تنفستُ .. تذكَّرتُ .. قرأتُ جريدة الصباح .. نسيتُ أن أستيقظ كعادة الناس .. وعدتُ أحلم من جديد .. لعلي أصير أباً للبنت الصغيرة النائمة التي لم تفتح الباب بعد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق